إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد:فإن الله أمر المؤمنين جميعا بالتوبة فقال:{ وتوبوا إلى الله جميعا أيُّه المؤمنون لعلكم تفلحون} (النور الآية31). و قسم العباد إلى تائب وظالم، وليس ثَمَّ قسم ثالث البتة، فقال عز وجل:{ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} (الحجرات الآية 11). و هدا أوان بعُدَ فيه كثير من الناس عن دين الله فنعمت المعاصي وانتشر الفساد، حتى ما بقي أحد لم يتلوث بشيء من الخبائث إلا من عصم الله. و لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فانبعث الكثيرون من غفلتهم ورقادهم، وأحسوا بالتقصير في حق الله، وندموا على التفريط والعصيان، فتوجهت ركائبهم ميممة شطر منار التوبة، وآخرون سئموا حياة الشقاء وضنك العيش، وهاهم يتلمسون طريقهم للخروج من الظلمات إلى النور. لكن تعترض طريق ثلة من هدا الموكب عوائق يظنونها تحول بينهم وبين التوبة، منها ما هو النفس، ومنها ما هو في الواقع المحيط. فالواجب على كل إنسان مسلم أن لا يستهين بخطر الدنوب لأن الله عز وجل أمر العباد بإخلاص التوبة وجوبا فقال سبحانه: { يا أيها الدين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} (التحريم الآية 8). و منحنا الله مهلة للتوبة قبل أن يقوم الكرام الكاتبون بالتدوين فقال صلى الله عليه وسلم:" إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطىء، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة " ومهلة أخرى بعد الكتابة وقبل حضور الأجل. و مصيبة كثير من الناس اليوم أنهم لا يرجون لله وقارا، فيعصونه بأنواع الدنوب ليلا ونهارا، ومنهم طائفة ابتلوا باستصغار الدنوب، فترى أحدهم يحتقر في نفسه بعض الصغائر، فيقول مثلا: ومادا تضر نضرة أو مصافحة أجنبية، ويتسلون بالنظر إلى المحرمات في المجلات والمسلسلات، حتى أن بعضهم يسأل باستخفاف إدا علم بحرمة مسألة كم سيئة فيها؟ أهي كبيرة أم صغيرة؟ فإدا علمت هدا الواقع الحاصل فقارن بينه وبين الأثرين التاليين من صحيح الإمام البخاري :
1) عن أنس رضي الله عنه قال :" إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات" (و الموبقات هي المهلكات). 2) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :" إن المؤمن يرى دنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى دنوبه كدباب مر على أنفه فقال به هكدا- أي بيده – فدبه عنه". و هل يقدِّر هؤلاء – الآن- خطورة الأمر إدا قرأوا حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام"إياكم ومحقرات الدنوب، فإنما مثل محقرات الدنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء دا بعود، وجاء دا بعود، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الدنوب متى يؤخد بها صاحبها تهلكه" وفي رواية " إياكم ومحقرات الدنوب فإنهم يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه". وقد دكر أهل العلم أن الصغيرة قد يقترن بها من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف من الله مع الاستهانة بها ما يلحقها من الكبائر بل يجعلها في رتبتها، ولأجل دلك لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. و نقول لمن هدا حاله: لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت. و بادر إلى الرجوع لله عز وجل والتوبة والاستغفار والندم على ما فات قبل أن ينغلق باب التوبة. تعريف التوبة: هي العلم بعظم الدنب، والندم عليه، والقصد المتعلق بالترك في الحال والاستقبال. التوبة في القرآن الكريم: ورد دكر التوبة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها: 1- قوله تعالى: { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن دريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم}.(البقرة : 128) 2- وقوله تعالى: { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين }. (البقرة: 222) 3- وقوله تعالى: { إنما التوبة على الله للدين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للدين يعملون السيئات حتى إدا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الدين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عدابا أليما}. (النساء: 17-18). 4- وفي سورة الأنعام يقول الله تعالى:{ وإدا جاءك الدين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم}. (الأنعام: 54). 5- وفي سورة طه يقول سبحانه : { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} (طه: 82). 6- وفي سورة الفرقان يقول سبحانه: { والدين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل دلك يلق أثاما يضاعف له العداب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا}. (الفرقان:68-17)
التوبة في السنة المطهرة: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها". (رواه مسلم).
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول:" رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، وأهدني ويسر الهدي لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا، لك دكارا، لك رهابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، وأغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وسدد لساني، وأهد قلبي، واسلل سخيمة صدري". (رواه أبو داود والترمدي وقال حديث حسن صحيح).
و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كدا وكدا وكدا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إدا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العداب، فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العداب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتها كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة".(رواه البخاري ومسلم).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لله أشد فرحا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينما هو كدلك إدا هو بها، قائمة عنده، فأخد بخطامها، ثم قال من شدة الفرح، اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح". (رواه البخاري ومسلم).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب عليكم". (رواه ابن ماجة وإسناده حسن).
و عن أبي هريرة أيضا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه". (رواه مسلم).
و عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان يعُد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم:" رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" (رواه الترمدي وقال حسن صحيح).
منزلة التوبة: إن التوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمى التوبة، وبهدا استحق التائب أن يكون حبيب الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإنما يحب الله من فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه. و التوبة هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه ظاهرا وباطنا، ويدخل في مسماها الإسلام، والإيمان والإحسان، وتتناول جميع المقامات، ولهدا كانت غاية كل مؤمن، وبداية الأمر وخاتمته. وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلا عن القيام بها علما وعملا وحالا، ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه. و لو لا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده دلك الفرح العظيم، فجميع ما تكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيل التوبة وأثارها.(مدارج السالكين لابن القيم ص1/178).
حقيقة التوبة: إن حقيقة التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بالتزام فعل ما يحب، ونرك ما يكره.فهي رجوع من مكروه إلى محبوب، فالرجوع إلى المحبوب مسماها، والرجوع عن المكروه الجزء الآخر، ولهدا علق سبحانه الفلاح المطلق على فعل المأمور وترك المحظور بها، فقال:{وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}. (النور:31). فكل تائب مفلح، ولا يكون مفلحا إلا من فعل ما أمر به وترك ما نهي عنه. و قال تعالى:{ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. (الحجرات:11). وتارك المأمور ظالم، كما أن فاعل المحظور ظالم وزوال اسم(الظلم) عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين، فالناس قسمان: تائب وظالم ليس إلا، فالتائبون هم: { العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله }. (التوبة: 112). فحفظ حدود الله : جزء التوبة، والتوبة هي مجموع هده الأمور، وإنما سمي تائبا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته.(مدارج السالكين:1/181).
حكم التوبة: قال العلماء: التوبة واجبة من كل دنب، فإن تاب من بعضها صحت عما تاب منه.
شروط التوبة ومكملاتها: كلمة التوبة، كلمة عظيمة لها مدلولات عميقة لا كما يظنها كثيرون ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الدنب، وتأمل قوله تعالى:{ وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} (هود: الآية03). تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار. ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط، فقد دكر العلماء شروطا للتوبة مأخودة من الآيات والأحاديث وهدا دكر بعضها: الأول: الإقلاع عن الدنب فورا. الثاني: الندم على ما فات. الثالث: العزم على عدم العودة. الرابع: إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم.
و دكر بعض أهل العلم تفصيلات أخرى لشروط التوبة النصوح، نسوقها مع بعض الأمثلة: الأول:أن يكون ترك الدنب لله لا لشيء آخر، كعدم القدرة عليه أو على معاودته، أو خوف كلام الناس مثلا. فلا يسمى تائبا من ترك الدنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس، أو ربما طرد من وظيفته. ولا يسمى تائبا من ترك الدنوب لحفظ صحته وقوته، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية، أو أنها تضعف جسمه وداكرته. ولا يسمى تائبا من ترك السرقة لأنه لم يجد منفدا للبيت، أو لم يستطع فتح الخزينة أو خشي الحارس أو الشرطي. ولا يسمى تائبا من ترك أخد الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلا. ولا يسمى تائبا من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه. و كدلك لا يسمى تائبا من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته، كالكادب إدا أصيب بشلل أفقده النطق، أو الزاني إدا فقد القدرة على الوقاع، أو السارق إدا أصيب بحادث أفقده أطرافه، بل لابد لمثل هدا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية والتأسف على فواتها ولمثل هدا يقول صلى الله عليه وسلم:" الندم توبة" (رواه أحمد وابن ماجة- صحيح الجامع 6802). و الله نزل العجز المتمني بالقول منزلة الفاعل، ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال :" إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا، فهدا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهدا بأخبث المنازل، وعبدا لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء" (رواه الترمدي وصححه – صحيح الترغيب والترهيب 1/9). الثاني: أن يستشعر قبح الدنب وضرره: وهدا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللدة والسرور حين يتدكر الدنوب الماضية، أو أن يتمنى العودة لدلك في المستقبل. و قد ساق ابن القيم () في كتابيه الداء والدواء والفوائد أضرارا كثيرة للدنوب منها: حرمان العلم – والوحشة في القلب – وتعسير الأمور – ووهن البدن – وحرمان الطاعة – ومحق البركة – وقلة التوفيق – وضيق الصدر – وتولد السيئات – واعتياد الدنوب - وهوان المدنب على الله – وهوانه على الناس – ولعنة البهائم له – ولباس الدل – والطبع على القلوب والدخول تحت اللعنة – ومنع إجابة الدعاء – والفساد في البر والبحر وانعدام الغيرة – ودهاب الحياء – وزوال النعم – ونزول النقم – والرعب في قلب العاصي- والوقوع في أسر الشيطان- وسوء الخاتمة – وعداب الآخرة. و هده المعرفة من العبد لأضرار الدنوب تجعله يبتعد عن الدنوب بالكلية، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها: 1- أن يعتقد أن وزرها أخف. 2- لأن النفس تميل إليها أكثر، والشهوة فيها أقوى. 3- لأن ظروف هده المعصية متيسرة أكثر من غيرها، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز، أسبابها ليست حاضرة متوافرة. 4- لأن قرناءه وخلطاؤه مقيمون على هده المعصية ويصعب عليه أن يفارقهم. 5- لأن الشخص قد تجعل له المعصية المعينة جاها ومكانة بين أصحابه فيعز عليه أن يفقد هده المكانة فيستمر في المعصية، كما يقع لبعض رؤساء عصابات الشر والفساد، وكدلك ما وقع لأبي نواس الشاعر الماجن لما نصحه أبو العتاهية الشاعر الواعظ ولامه على تهتكه في المعاصي، فأنشد أبو نواس: أتراني يا عتاهي تاركا تلك الملاهي أتراني مفسدا بالنسك عند القوم جاهي
الثالث: أن يبادر العبد إلى التوبة، ولدلك فإن تأخير التوبة هو في حد داته دنب يحتاج إلى توبة. الرابع: أن يخشى على توبته من النقص، ولا يجزم بأنها قد قبلت، فيركن إلى نفسه ويأمن مكر الله. الخامس: استدراك ما فات من حق الله، إن كان ممكنا، كإخراج الزكاة التي منعها في الماضي ولما فيها من حق للفقير كدلك. السادس: أن يفارق موضع المعصية، إدا كان وجوده فيه قد يوقعه في المعصية مرة أخرى. السابع: أن يفارق من أعانه على المعصية، (و هدا والدي قبله من فوائد حديث قاتل المائة)
و الله يقول: { الأخلاء يومئد بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}. (الزخرف: الآية 67). و قرناء السوء سيلعن بعضهم بعضا يوم القيامة، ولدلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبدهم ومقاطعتهم والتحدير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم. وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي. الثامن: إتلاف المحرمات الموجودة عنده، مثل المسكرات وآلات اللهو كالعود والمزمار، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل، وهكدا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو إحراقها. و مسألة: خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها، وكم من قصة كان فيها إبقاء هده المحرمات بعد الهدى، نسأل الله الثبات. التاسع:أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلا عن رفقاء السوء وأن يحرص على حلق الدكر ومجالس العلم ويملأ وقته بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديه فراغا ليدكره بالماضي. العاشر: أن يعمد إلى البدن الدي رباه بالسحت فيصرف طاقته في طاعة الله ويتحرى الحلال حتى ينبت له لحم طيب. الحادي عشر: أن تكون التوبة قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها. و الغرغرة الصوت الدي يخرج من الحلق عند سحب الروح والمقصود أن تكون التوبة قبل القيامة الصغرى والكبرى لقوله صلى الله عليه وسلم:" من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه" (رواه أحمد والترمدي – صحيح الجامع6132). وقوله:" من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" (رواه مسلم).
التوبة النصوح: قال الله تعالى: { يا أيها الدين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار}. (التحريم:8).
قال عمر ابن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما: " التوبة النصوح: أن يتوب من الدنب ثم لا يعود إليه، كما لا يعود اللبن إلى الضرع" وقال حسن البصري:" هي أن يكون العبد نادما على ما مضى، مجمعا أن لا يعود فيه".
و قال ابن القيم : النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء: الأول: تعميم جميع الدنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع دنبا إلا تناولته. الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها لا يبقى عنده تردد، ولا تلوم ولا انتظار، بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادرا بها. الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها، ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته، والرغبة فيما لديه، والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله أو لحفظ قوته وماله أو استدعاء حمد الناس أو الهرب من دمهم أو لئلا يتسلط عليه السفهاء أو لإفلاسه وعجزه، ونحو دلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل" (مدارج السالكين: 1/178).
علامات قبول التوبة: قال ابن القيم : للتوبة المقبولة علامات منها: 1- أن يكون بعد التوبة خبرا مما قبلها. 2- ومنها أن لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين. 3- ومنها انخلاع القلب ندما وخوفا. 4- ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضا كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحا دليلا خاشعا. و قال : إدا أراد الله بعبده خيرا فتح له أبواب التوبة والندم والانكسار والدل والافتقار والاستعانة به، وصدق اللجوء إليه، ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه.
ثمرة التوبة: للتوبة ثمرتان: إحداهما تكفير السيئات حتى يصير كمن لا دنب له. و الثانية: نيل الدرجات حتى يصير حبيبا. و للتكفير أيضا درجات: فبعضه محو لأصل الدنب بالكلية، وبعضه تخفيف له، ويتفاوت دلك بتفاوت درجات التوبة.
قال ابن القيم : لأهل الدنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا، فإن لم تف بطهرهم طهِّروا في نهر الجحيم يوم القيامة: 1- نهر التوبة النصوح. 2- ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها. 3- ونهر المصائب العظيمة المكفرة، فإدا أراد الله بعبده خيرا أدخله أحد هده الأنهار الثلاثة، فورد يوم القيامة طيبا طاهرا، فلم يحتج إلى التطهير الرابع. (مدارج السالكين:1/178).
نمادج عن التوبة العظيمة: عن بريدة رضي الله عنه: أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني فرده، فلما كان من الغد أتاه، فقال يا رسول الله إني قد زنيت فرده الثانية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه، فقال:" أتعلمون بعقله بأسا؟ تنكرون منه شيئا؟" قالوا: ما نعلمه إلا وفيّ العقل، من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضا، فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم". قال فجاءت الغامدية، فقالت:" يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا، فوالله إني لحبلى، قال:" أما لا، فادهبي حتى تلدي". قال فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت هدا قد ولدت، قال:" فادهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت : هدا يا رسول الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد ابن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله سبه إياها، فقال:" مهلا يا خالد، فوالدي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له" ثم أمر بها فصلى عليها، ودفنت. (صاحب المكس: الدي يأخد الضرائب) (رواه مسلم).
و في رواية فقال عمر يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها؟ فقال:" لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم، وهل وجدت شيئا أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل". (رواه عبد الرزاق في مصنفه 7/325).
و كدلك من أعظم النمادج عن التوبة ماجاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كدا وكدا وكدا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إدا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العداب، فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العداب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتها كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة".(رواه البخاري ومسلم). وفي رواية في الصحيح (فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها) وفي رواية في الصحيح (فأوحى الله تعالى إلى هده أن تباعدي وإلى هده أن تقاربي وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هده أقرب بشبر فغفر له).
نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟ فهل منا من هو أعظم من هدا الرجل الدي تاب الله عليه، فلم ييأس بل إن الأمر أعظم من دلك، تأمل قول الله تعالى:{ والدين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل دلك يلق أثاما يضاعف له العداب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}. (الفرقان، الآيتان:68-70).
ووقفة عند قوله: { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}.(الفرقان، الآية: 70). تبين لك فضل الله العظيم قال العلماء: التبديل هنا نوعان: تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيمانا وبالزنا عفة وإحصانا وبالكدب صدقا وبالخيانة أمانة وهكدا. و الثاني: تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة، وتأمل قوله:{ يبدل الله سيئاتهم حسنات}. ولم يقل مكان كل سيئة حسنة فقد يكون أقل أو مساويا أو أكثر في العدد أو الكيفية، ودلك بحسب صدق التائب وكمال توبته، فهل هناك فضلا أعظم من هدا الفضل؟
وانظر إلى شرح هدا الكرم الإلهي في الحديث الجميل التالي: عن عبد الرحمن ابن جبير عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم-(و في طرق أخرى " جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه وهو يدعم على عصا حتى قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا عمل الدنوب كلها فلم يترك منها شيئا وهو في دلك لم يترك حاجة ولا داجَّة (أي لا صغيرة ولا كبيرة) إلا أتاها، (و في رواية، إلا اقتطعها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم (أهلكتهم) فهل لدلك من توبة؟ قال: " فهل أسلمت " قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال: " تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله خيرات كلهن " قال وغدواتي وفجراتي قال: "نعم" قال : الله أكبر فما زال يكبر حتى توارى. (قال الهيثمي رواه الطبراني والبزاز بنحوه).
الخاتمة: إن الله فتح لنا باب التوبة فيجب علينا الولوج ودلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن للتوبة بابا عرض مابين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب (و في رواية عرضه مسيرة سبعين عاما)، لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها". (رواه الطبراني في الكبير- صحيح الجامع 2177). و نادى الله (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الدنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم). (رواه مسلم).فيجب علينا الاستغفار. و الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، والله يحب الاعتدار فيجب علينا الإقبال. فلله ما أحلى قول التائب، أسألك بعزك ودلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني وفقري إليك هده ناصيتي الكادبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال الخاضع الدليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغِم لك أنفه وفاضت لك عيناه ودل لك قلبه. و لنتأمل هده القصة ودلالتها في موضع التوبة: روي أن أحد الصالحين كان يسير في بعض الطرقات فرأى بابا قد فُتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه، ودخلت فدهب الصبي غير بعيد ثم وقف مفكرا فلم يجد له مأوى غير البيت الدي أخرج منه ولا من يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينا فوجد الباب مغلقا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب، ونام ودموعه على خديه، فخرجت أمه بعد حين، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه والتزمته تقبله وتبكي، وتقول: يا ولدي أين دهبت عني ومن يؤويك سواي، ألم أقل لك لا تخالفني ولا تحملني على عقوبتك بخلاف ما جبلني الله عليه من الرحمة بك والشفقة عليك ثم أخدته ودخلت. و لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: " الله أرحم بعباده من هده بولدها"(رواه مسلم). و أين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟ و الله يفرح إدا تاب العبد إليه، ولن نعدم خيرا من رب يفرح، " الله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من رجل كان في سفر في فلاة الأرض، نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فأوى إلى ظل شجرة، فوضع رأسه فنام نومة تحتها، فاستيقظ وقد دهبت راحلته فطلبها، فأتى شرفا فصعد عليه فلم ير شيئا، ثم أتى آخر فأشرف عليه فلم يرى شيئا، حتى إدا اشتد عليه الحر والعطش قال: أرجع إلى مكاني الدي كنت فيه فأنام حتى أموت، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كدلك، رفع رأسه فإدا راحلته قائمة عنده، تجر خطامها، عليها زاده طعامه وشرابه، فأخد بخطامها، فالله أشد فرحا بتوبة المؤمن من هدا براحلته وزاده" (السياق مجموع من روايات صحيحة- انظر ترتيب صحيح الجامع 4/368). و الله لا يتخلى عن عبده أبدا إدا جاء مقبلا عليه تائبا إليه، أرأيت لو أن ولدا كان يعيش في كنف أبيه يغديه بأطيب الطعام والشراب، ويلبسه أحسن الثياب، ويربيه أحسن التربية، ويعطيه النفقة وهو القائم بمصالحه كلها، فبعثه أبوه يوما في حاجة، فخرج عليه عدو في الطريق فأسره وكتفه وشد وثاقه، ثم دهب به إلى بلاد الأعداء، وصار يعامله بعكس ما كان يعامله أبوه، فكان كلما تدكر تربية أبيه وإحسانه إليه المرة بعد المرة تهيجت من قلبه لواعج الحسرات، وتدكر ما كان عليه وكل ما كان فيه من النعيم. فبينما هو في أسر عدوه يسومه سوء العداب، ويريد دبحه في نهاية المطاف، إد حانت منه إلتفاتة نحو ديار أبيه فرأى أباه منه قريبا، فسعى إليه وألقى بنفسه عليه وانطرح بين يديه يستغيث يا أبتاه يا أبتاه، انظر إلى ولدك وما هو فيه والدموع تسيل على خديه، وهو قد اعتنق أباه والتزمه وعدوه يشتد في طلبه حتى وقف على رأسه وهو ملتزم لوالده ممسك به. فهل تقول إن والده سيسلمه في هده الحال إلى عدوه ويخلي بينه وبينه، فما الظن بمن هو أرحم بعبده من الوالد بولده ومن الوالدة بولدها. إدا فر عبد إليه وهرب من عدوه إليه، وألقى بنفسه طريحا ببابه يمرغ خده في ثرى أعتابه باكيا بين يديه، يقول يا رب ارحم من لا راحم له سواك، ولا ناصر له سواك، ولا مؤوي له سواك، ولا معين له سواك، مسكينك وفقيرك وسائلك، أنت معاده، وبك ملاده، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، فنسأل الله أن يوقد نار همتنا إلى فعل الخيرات وكسب الحسنات ورفقة الصالحين. و خاتم الخاتمة نستهلها بهده الأبيات التي نسأل الله أن تنفعنا وأن تدفعنا إلى التوبة بعد كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ليحي بن يوسف الصرصري.
و يا حدراه من تلظى إدا زفرت وأقلقت القلوبا تكاد إدا بدت تنشق غيظا على من كان ظلاما مريبا فيا من مد في كسب الخطايا خطاه أما يأنى لك أن تتوبا ألا فاقلع وتب واجهد فإنا رأينا كل مجتهد مصيبا وأقبل صادقا في العزم واقصد جنابا للمنيب له رحيبا و كن للصالحين أخا وخلا وكن في هده الدنيا غريبا و كن عن كل فاحشة جبانا وكن في الخير مقداما نجيبا و لاحظ زينة الدنيا ببغض تكن عبدا إلى المولى حبيبا و الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. '